Wednesday, May 16, 2012

مصر والطريق الثالث

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=307830


مصر .. و الطريق الثالث (2)








لم تشهد مصر خلال الـ (1400) عام الماضية من الحقبة الإسلامية غير (150) عام فقط فقد تخللتها فترات من ازدهار و نهضة الحضارية ولرغبة حقيقة في ملاحقة الركب العالمي .. تلك هي فترة حكم اسرة (محمد على) الألباني (1805 – 1953) .التي أعتمد فيها محمد على الكبير في حكمه و من بعده ابناءه على أبناء البلد من الأقباط و المسلمين بالإضافة الى أبناء بعض الأقليات الأسيوية و القوقازية (من غير أبناء القبائل العربية) الذين أصبحوا فيما بعد مصرين بحكم اصدار أول قانون لجنسية في مصر
أنحصر تواجد أبناء القبائل العربية على الأزهر كشيوخ دعاة أو قضاة شرعيين أو معلمين لغة عربية لكن كانت دائما الغلبة لأبناء المصرين في مشيخته الأزهر.. ذلك هو سر نجاح تلك الأسرة عندما استبعدت ابناء القبائل العربية و أسلوب البداوة من الإدارة و الحكم

نشأت جماعة الإخوان المسلمين (الجماعات السلفية / الجهادية / الوهابية) في بدايتها بين القبائل العربية المتواجدة في المنطقة الشرقية من مصر (محافظات الشرقية / الإسماعلية / سيناء) و في محافظات الصعيد .. يتم اختيار قادة تلك الجماعات على مدار تاريخها من هؤلاء ذي الأصول غير المصرية لكى يتم ضمان الولاء لجماعة قبل الولاء الى مصر .. لا يزال هذا المبدأ متبع

يفتخر أبناء القبائل العربية فيما بينهم بكونهم "عرب" غير مصريون لا يحملون دماء مصرية و لا جذور فرعونية.. لا يختلف عرب سيناء كثير عن عرب مطروح أو عنهم في باقية المحافظات و ولاء الجميع دائما الى القبيلة و امتداداها في مصر أو في خارجها .. بالرغم من سهوله تزاوجهم بالنساء المصريات الا أنهم يمنعون نساءهم من الزواج مع المصرين و يعايرون بعضهم البعض اذا تم ذلك عن طريق الخطأ قائلين .. الرجل (القدم) جات في الطين .. أي تم التساوي مع المصرين الفلاحين العاملين في الطين

تعتبر عبارة "الإسلام هو الحل" بمثابة الوصفة السحرية لكى يتم التحكم في قطيع "الموالي" من المصرين المسلمين (فاقدي الهوية المغيبين) من قبل العرب ممثلين في الإخوان و السلفين جاعلين من أنفسهم اولياء عليهم .. "الموالي" هم العبيد من المعتوقين دون العرب بعد دخولهم الإسلام و يحاول الأن "الأولياء الجدد" استرجاع ما قد فقدوه أثناء حكم "أسرة محمد على" لذا تجدهم ينتشرون مثل السرطان في كل مفاصل الدولة ليسهل لهم التحكم و الانقضاض

اعترف (سليم العوا) في الأيام الماضية بكونه سوري الأصل قد حصل والده على الجنسية المصرية بعدما تم كشف ذلك إعلاميا .. هذا ليس عيب في حد ذاته .. لكن عندما يتخفى (العوا) وراء جنسيته المكتسبة على أساس انه مصري العرق مستغلا ذلك في بث سمومه بين المصرين المسلمين محرضا لهم على كراهية المصرين المسيحين الأقباط طوال الثلاثون عام الماضية مع عدم أخفاه لاحتقاره لتراث و الحضارة المصرية القديمة .. هذا هو العيب
ما لم يُقل في الأعلام ان جذور (العوا) ترجع الى القبائل العربية المتواجدة في سوريا و هو ليس بـ "سرياني" أرامي الجذور حتى يطلق عليه "سوريا" .. هذا ينطبق ايضا على الكثيرين من العاملين في الأعلام و المترددين عليه بصفة دائمة من اتباع الإخوان و الوهابيين السلفين أمثال / القاعود / القعيد / سلطان / حجازي / مكاوى
المدعو "الشحات" قد كشف عن جذوره الغير المصرية بإظهار كراهيته و استهزائه بأدب الكاتب (نجيب محفوظ) محتقرا اياه و لحضارة المصرية الفرعونية عامة .. هذا نفس الأسلوب المتبع في تحقير الأصل المصري الفرعوني و المتخذ من "تكفير الفراعنة الوثنين" وسيلة لكى يتم تغليب و تمييز الجذور العربية البدوية علي المصرية بطريقة غير مباشرة ..أي أستغلال الإسلام و سيلة في الازدراء و التحقير لأخرين

يستطيع الكثيرون في مصر تحديد جذورهم امثال .. الأقباط / النوبيين / القبائل العربية / ذو الأصول الأسيوية / و الشمال أفريقية .. الغالبية الصامتة من المغيبين في الشعب "فاقدي الهوية" لا تستطيع تحديد هويتها و عليها البدئ فورا في البحث عن جذورها لكى تتصالح مع نفسها أولا ثم مع ماضيها المغيب عمدا من قبل هؤلاء الغرباء عن الوطن
تلك الغالبية تقف الأن بلهاء خرساء امام الأحداث الجارية و الصراعات المتلاحقة من أجل الانقضاض على الحكم دون ان يكون لها أي دور غير تلك الذى يُراد منها ان تفعله و هو كراهية اليهود / كراهية الغرب المسيحي الكافر/ كراهية الأقباط / بالإضافة الى الذهاب كـالقطعان لانتخاب "الأسياد" من العرب الغرباء و تنصيبهم "اولياء" عليهم
ما يدور الأن في مصر هو صراع ليس لمصريين فيه كما يقال "ناقة أو جمل" فالصراع يدور بين اتباع القبائل العربية البدوية من "أشراف و غير اشراف" و معهم "الغرباء" و كلا منهم يبحث له عن دور في المشهد متمنيا النصيب الأكبر في الكعكة المصرية .. الحل يبدأ عندما يتساءل المرء مع نفسه اولا .. هل أنا فعلا مصري؟

هل تم البحث بصورة جدية عن أصول هؤلاء .. أعضاء مجلسي الشعب و الشورى / القضاة / وكلاء النيابة /.. هل هناك إحصائيات لذلك .. ينطبق نفس الشيء على الوظائف العليا في / الجيش / الشرطة / الخارجية / المخابرات / الأمن الوطني / اساتذة الجامعات / الأزهر / .و ما نسبة المصرين الحقيقين من مسلمين و مسيحين بين كل هؤلاء .. يتم الاختيار كما يقال "من المنبع" أي من بداية السلم الوظيفي .. لكن من يصل الى نهاية السلم هم المختارون من قبل فقط

هل ستذهب مصر في طريق العلمانية؟ .. طريق النهضة الحضارية المدنية كما هو حادث "الى حد ما" في إندونيسيا / ماليزيا / تركيا / نيجريا .. لكى يصبح جميع متساوون امام القانون دون أدني تميز بسبب الدين أو العرق .. هل ستذهب مصر في طريق الدولة الدينة؟ .. متشبها بأنظمة السودان / السعودية / باكستان / الصومال .. طريق الصراعات العرقية و الدينة و الطائفية و عدم الاستقرار و لن يكون هناك رابح فالجميع سوف يخسرون .. في وقتنا هذه الأيام مع اتساع الفضاء الإعلامي حتى أصبحنا في "قرية صغيرة" ، يصعب مرة ثانية استنساخ تلك الأنظمة القديمة القائمة على القهر الديني و العقائدي .. عموما المتبقي منها مصيره الزوال

طريق "اللا طريق"؟؟ .. الذى بدأ مع عبد الناصر و خطط له السادات وقام بتنفيذه مبارك.. أمساك العصاية من المنتصف لتقوية الإسلاميين على حساب العلمانيين و المسيحين و الدولة المدنية الحديثة .. هذا "اللا طريق" قد قادنا الى "لا طريق" أي الى الفوضى التي نعيشها الأن

أنا ارى ان "الطريق الثالث" بالرغم من صعوبته إلا انه "الحل الأمثل" على المدى الطويل في حالة أن اراد الجميع العيش في سلام بدون أي تدخلات أجنبية التي قد تصل الى درجة التدخلات العسكرية و الى تواجد قوات أجنبية تقوم بالفصل لحماية الأقلية .. الطريق الثالث ببساطة يتمثل في نظامين أدارين مختلفين داخل الدولة الواحدة تحت علم واحد / جيش واحد / تمثيل خارجي واحد / برلمان فيدرالي مشترك

التعليم الإسلامي في مصر يستحوذ على أكثر من خمس الطاقة الاستيعابية (23%) من مراحل التعليم ككل من خلال (ستة الف معهد أزهري) منتشرين حتى في أقاصي القرى و النجوع و جامعة ضخمة متعددة الأفرع في جميع المحافظات (جامعة ازهر) .. يجب تواجد تعليم موازى لأقباط و لمسيحين فقط لا غير كما هو الحال بالنسبة لأزهر .. على ان يكون التعليم المتواجد الأخر مشترك لجميع

تواجد جهاز قضائي متكامل منفصل خاص بالأقباط و يجوز انضمام العلمانيين اليه فيما بعد و تكون مرجعتيه القوانين الإنسانية المتبعة في الدول الغربية مع تواجد قضاء مشترك عند أشتراك الأطراف المختلفة في النزاعات .. هذا النظام يتشابه الى حد كبير مع مثيلة من المحاكم المختلطة قبل الانقلاب العسكري في (1952) .. لتفادى العنصرية و الكراهية المترتبة على اختلاف الديانات ، يجب انحصار بعض المواقع و إمكان معينة على رجال الشرطة من الأقباط فقط مع حتمية مشاركة الطرفين عند تشابك المنازعات و ما يحدث في البوسنه و الهرسك مثال على ذلك

مع تحياتي و محبتي

No comments:

Post a Comment