Monday, May 14, 2012

مصر ... بين مطرقة "الفتح" الإخواني وسندان "الغزو" القبطي

مصر ... بين مطرقة "الفتح" الإخواني وسندان "الغزو" القبطي

http://www.misrelgdida.com/Investigations/90153.html
عمرو عبد الرحمن
image

هناك من الملفات ما يعد فتحها بمثابة إشعال للفتنة، ولكن منها ما يعتبر فتحها بمثابة رسالة تحذير من خطر يتهدد الأمة المصرية، فى ظل تداعيات الربيع العربي الذي قد يبدو للوهلة الأولي نقمة على الأمة، بينما يؤمن البعض بأنه كان آتيا لا محالة، بغض النظر عن الأدوات و"الأجندات" (!!) على خلفية ما عانته منه مصر وأخواتها من دول المنطقة من قهر واستعباد لشعوبها، وتهميش لأقلياتها وتضييع حقوق لمواطنيها.

ولكن فى هذه اللحظة المفصلية من تاريخنا، يتكشف لنا يوما بعد يوم، من الذي يسعي للهدم ومن الذي يسعي للبناء .. من الذي يحاول استغلال الظرف بالغ الدقة ومن الذي يضع رأسه على كفه دفاعا عن وحدة الأمة العربية بشكل عام، ووحدة دولها الحدودية والوطنية، كلِِ على حدة.

فى هذا الظرف تحديدا، ينبغي مناقشة ملف "تقسيم مصر"، الذي لابد من فتحه على مصراعيه لكي تعبر كل المخاوف عن نفسها، وتخرج كل طيور الظلام من أعشاشها، وحتى لا تبقي نقطة دم فاسد فى العروق.

الآن وليس غدا، علينا أن نتذكر اشياء على قدر من الأهمية بمكانت نرتبها كما يلي:

أولا: مشروع الشرق الأوسط الكبير، الذي أطلقته "كوندوليزا رايس"، من قلب تل أبيب قبل أعوام مضت، بتعاهد غير مكتوب بين طرفي الكيان الصهيو – أميريكي، على تطبيقه قسرا على دول المنطقة، على أساس ما تسمي بـ"نظرية الفوضي"، التى تعتمد سياسة "فرق بين الطوائف: تَســُدْ".

كانت البداية بالعراق، التى باتت بالفعل الآن، أقرب ماتكون إلى الانقسام على اساس إثني – عقائدي، ما بين كانتون شيعي وآخر سني وثالث كردي.

الخطوة الثانية كانت باتجاه السودان، الذي مضت المخططات السرية، الرامية لاستقطاب طائفته القبطية، من جانب "إسرائيل" والغرب عموما، استغلالا للنظام القائم هناك والذي، كغيره من أنظمة المنطقة، يرمز للديكتاتورية والقمع وإهدار حقوق مواطنيه، وبحيث انتهي الأمر إلى تقسيم رسمي للدولة إلي دويلتين، إحداهما قبطية والأخرية مسلمة.

الخطوة التالية أو قل الخطوات، فالمستهدف منها دول أخري بالمنطقة، استغلالا لحالة السيولة التى تمر بها فى أعقاب زلزال الثورة التى أسقط عددا لا بأس به من عروش الطغاه، لكن بقيت الدولة بعده فى حالة من التفكك الأمني والسياسي والاجتماعي، لدرجة جعلت أعداءها من الخارج، يزدادون طمعا فيها بهدف السيطرة على مستقبلها، وحماية مصالحهم بها، فيما يبقي الأكثر خطورة على كل دول الربيع العربي، وعلى رأسها مصر، أعداؤها من الداخل...... ممن يحلمون بجذب مصر – البلد والأرض والشعب والإمكانات والثروات – باتجاهه هو ولصالح أجندته هو.

بنظرة أدق تفصيلا، نكتشف سريعا أن العدو الأخطر على مصر، هو الساكن بين ضفتي نيلها، المُتَبني لمشروعات تدعو إلى تحويل مصر – برُمتها – إما إلى دولة خلافة إسلامية، أو دولة قبطية، المشروع الأول يدعو إليه تيار السياسة المتاسلمة، بقيادة جماعة "الإخوان المسلمون"، وعدد من القوي السلفية، والثاني تدعو إليه بعض قيادات وجماعات الأقباط فى مصر وخارجها، فيم تناسي الجميع أن البلد التى احتضنت المصريين بثنائيتهم المثيرة لحسد العالم، باتت هى الهدف الرئيسي من جانب المشروع الصهيو – غربي، الرامِ لتقسيم مصر وكل دول المنطقة إلى دويلات، كي يسهل عليه افتراسها والسيطرة على مقدراتها الواحدة تلو الأخري,

وثيقة فتح مصر
وحتى لا نكون كالنعام، ندفن رؤوسنا فى الرمال، لنلقي الضوء على مفردات مشروعات تدويل مصر، التى تقودها قوي الداخل، والبداية مع مخطط التيار السياسي المتأسلم، حيث تكشف وثيقة نادرة عنوانها "وثيقة فتح مصر"، التى سبق وأصدر القضاء المصري حكما شهيرا قبل ثلاثة أعوام، بصحة نسبتها إلى جماعة "الإخوان المسلمون"، والتى تعتبر مصر دولة مُحتلة، وأن مهمة الجماعة هي "تحرير مصر" من النظام الكافر الذي يحكمها، وشعبها من "الجهل" الذي يعيش فيه..!

وتؤكد الأحداث، سواء قبل الثورة أو بعدها، أن المخطط الإخواني، يسير حثيثا نحو تنفيذ أهدافه، فقبل الثورة، نجحت الجماعة في تعبيد طريقها بتحقيق مكاسب سياسية غير مسبوقة، تمثلت فى الحصول على 88 مقعد بمجلس الشعب فى انتخابات 2005، وواصلت تحقيق المكاسب خصوصا على مستوي الشارع، على الرغم من خسارتها البرلمانية الفاضحة فى انتخابات 2010، التى كان "عنصر الفضيحة" فيها، هي تلك الصفقة التى قيل أنها قد عقدتها مع الحزب الوطني الحاكم – وقتئذ – بحيث تخوض الانتخابات البرلمانية التى أجمع مراقبو الداخل والخارج مقدما أنها ستكون مزورة لصالح "المنحل"، بحيث يضفي مشاركة الجماعة نوعا من المصداقية المفقودة للانتخابات، قبل أن تكتشف أنها قد "غـٌرر" بها وخرجت خاوية الوفاض، فيما فاز "الوطني" بنسبة تقارب المائة بالمائة من مقاعد البرلمان (!!).

النصر الأكبر والأخير
أما بعد الثورة، فقد حقق "الإخوان" انتصاراتهم الأكبر على مدي تاريخ الجماعة، عندما، وبصفقة أخري – بحسب المراقبين – مع العسكر هذه المرة، اكتسحو برلمان وشوري الثورة، بمشاركة رفاقهم فى تيار السياسة المتأسلمة (السلفيين)، فى دليل جديد على إصرارهم على تنفيذ بنود الوثيقة المشبوهة، مُنحين جانبا أية اعتبارات أخري، سواء كانت ثورية أو سياسية، أو حتى مصلحة الوطن: مصر (ولا ننس هنا التذكير برأي الإخوان فى مصر – كدولة – على لسان مرشدهم السابق "مهدي عاكف" الذي سبها قائلا: "طز فى مصر"، فى زلة لسان كشفت فى ما القلب).

جدير بالذكر أن وثيقة فتح مصر تعتبر أن "الإخوان" وحدهم هم المسلمون، وأن من دونهم هم الكفار، ممن لا سبيل للتعامل معهم إلا بهدايتهم أو بالتخلص منهم أو تحصيل الجزية منهم.

وبحسب نص بالوثيقة نقرأ: "يجب أن ندرك أهمية أن نظهر أمام الناس فى صورة من يمثل الإسلام وحدنا دون غيرنا حتى تستقر هذة الصورة فى أذهان الجماهير وبالتالى تنتفى تدريجياً عن الآخرين"

وفي نص آخر نقرأ: "ينبغى علينا أن ندرك وجوب تصفية أى تيار إسلامى آخر إما بضمه أو تفريغه أو إحتواءه مع عدم إستعجال النتائج"

وفى نص آخر نكتشف أن شبكة من العلاقات المتشابكة، بين رموز الجماعة وبين شخصيات نافذة فى النظام البائد، قد تشكلت ملامحها على مدي السنوات الماضية، لكي تكون بمثابة "شعرة" معاوية، التى تحولت إلى شجرة من العلاقات بعد الثورة، وهو ما تبين جليا فى عدة مناسبات، منها عندما رفضت الجماعة الإصرار على إصدار قانون العزل الذي طالب به الثوار، لمنع الفلول من الترشح فى الانتخابات، مما أدي إلى نفاذ عديد منهم إلى مقاعد مجلس الشعب، على الرغم من سابق انتمائهم للمنحل، بقرار عسكري.

الهدف الاستراتيجي إذن وفقا للأجندة الإخوانية هو فتح مصر المحتلة بنظام كافر والمسكونة بشعب جاهل، فيما عدا أصحاب الحق الوحيد فيها، وهم "الإخوان المسلمون".
حكومة احتلال
وعلى الضفة الأخري من النهر، يكمن التيار القبطي المتطرف، الذي يزعم رعاته أن أهل مصر الأصليين وهم "الأقباط"، يعيشون تحت نير المحتل العربي المسلم، الذي (غـــزا) أرضهم إبان عصور الفتح الإسلامي، وكأن مصر .............. لم تكن شيئا مذكورا قبل دخولها العهد القبطي، الذي تلي أعظم الحضارات التى قامت فى تاريخ مصر والعالم (الحضارة الفرعونية).

وقد بلغ متطرفو الأقباط حد الإعلان عن قيام الدولة القبطية، فى المهجر، وهي دولة لها علمها الخاص ونشيدها الوطني كما أنها ذات حكومة شبه كاملة، على غرار حكومة الزعيم الفرنسي "شارل ديجول" التى قام بتشكيلها خارج بلاده، عندما كانت بلاده تحت الاحتلال الألماني، وهذه الحكومة يرأسها متطرف طائفي يُدعي "عصمت زقلمة"، ويدعمه مستشار السوء السياسي "موريس صادق"، صاحب الدعاوي الزائفة عن اضطهاد الأقباط على أيدي مواطنيهم المسلمين، إلى حد اغتصاب النساء ثم إجبارهم على الدخول فى الإسلام، وهي المزاعم التى يروجها فى الولايات المتحدة والعرب عموما، لكي يتلقفها تيار الصهيونية العالمية، وبدوره يضغط على الحكومات لكي تمارس إرهابها السياسي والاقتصادي على مصر.... والهدف فى النهاية، تنفيذ المخطط ذاته، وتقسيم مصر على الهوية إلى دويلتين، الأولي قبطية والثانية مسلمة، وقد اختلف العالمون ببواطن الأمور، ففي حين أكد البعض أن الدولة القبطية ستكون فى الجنوب، قال آخرون أنها ستكون إلى الشمال، وعصمتها مدينة "برج العرب"...!

"أمريكا لن تسمح"
وتتوال التصريحات الكاشفة لمدي الهاوية التى يقود المتطرفون مصر إليها، فقد نُسب لموريس صادق توقعات بسقوط مصر فى ما وصفه بمستنقع الفاشية الإسلامية، وتطبيق حدود الشريعة الإسلامية التى حارب البابا شنودة لمنع تطبيقها قبل رحيله، على حد قوله.

فيما علق "عصمت زقلمة" على تصريحات أحد غلاة السلفيين من أمثال الشيخ "عبد المنعم الشحات"، الذي طالب بفرض الجزية على اقباط مصر، قائلاً: "السلفيين وأي تيار ديني آخر لن يصل للحكم لأن أمريكا لن تسمح بذلك"، علي حد قوله.

وفى السياق، ذاته، أعلن "زقلمة" عن تدشين البورصة "المصرية" العالمية ومقرها مقر منظمة "فريدم هاوس" بنيويورك، وهي المنظمة ذاتها التى تشارك فى وضع تقرير الكونجرس السنوي تحت عنوان تقرير "لجنة الحريات"، والذي دأب واضعوه على اتهام مصر بأنها ضمن الدول التى لا تحترم حقوق الأقليات، مما يعني وضعها تحت التهديد الدائم بعقوبات دولية، وربما تعريضها للاحتلال بجيوش الغرب يوما ما، كما طالب بذلك مرارا، "موريس صادق" ورفاقه، من غلاة الأقباط.

جدير بالذكر أن سياسيين ووطنيين عدة، قد تعالت تحذيراتهم أخيرا من وقوع مصر فى براثن قوي التطرف الديني، مما يهددها بالسقوط فى مستنقع التقسيم الذي سبق وغرقت فيه العراق والسودان، واللهم أعلم من التالي على قائمة السقوط.

No comments:

Post a Comment