Saturday, March 28, 2009

سعد الدين إبراهيم والإخوان من التعارف إلى التحالف


د. سيد القمني
تمهيد لم اعرف الدكتور سعد الدين إبراهيم شخصيا إلا عند اعتقاله في محنته الظالمة، وقد عرفته لهذا السبب تحديدا ليصبح صديقا عزيزا، وقد خصصته بدفاعات استغرقت خمسين صفحة هي الباب الأول من كتابي (شكرا بن لادن). وبعد خروجه من السجن بدأت اختلف معه حول موقفه من ضرورة إشراك الإخوان المسلمين في العملية الديموقراطية في مصر بوضعها الحالي الذي لم يأخذ من الديموقراطية إلا اسمها في صندوق اقتراع خالٍ من كل القيم الحقوقية للديمقراطية، وهى القيم التي يرفضها النظام الحاكم والإخوان معا.
وجرى بيني وبينه سجال تم نشره في حينه بمجلة "روز اليوسف" وبمجلة المجتمع المدني وعلى موقع "شفاف" الالكتروني، ومنذ توقفت عن الكتابة جرت في النهر مياه كثيرة كانت هي الدافع وراء فتح الباب لاستكمال سجال لم يغلق بعد.بداية السجال ــــــــكانت البداية موضوعا كنبته لـ"روز اليوسف" في 17/7/2004 بعنوان (سحر الديمقراطية) واعدت نشره في كتابي (أهل الدين والديمقراطية) بذ ات العنوان، لكن هيئة تحرير "روز اليوسف" استبدلت العنوان بأخر هو( تحالف سعد الدين والإخوان.. ديقراطيةالهلاك)
لذلك اتصلت بصديقي تليفونيا وأحطته علما بما حدث حيث لا إشارة بالمرة في موضوعي إلى تحالف بينه وبين الإخوان، ثم كانت مفاجأتي أن سعدا لم يأبه لمكالمتي ليستثمر العنوان البديل ويرد علية بموضوع: (ديمقراطية النجاة، /شفاف 17/10/2004):
ومنعا لتصدع جبهتنا الليبرالية كتبت له موضوعا لطيفا نشر بمجلة المجتمع المدني بعنوان (سعد الدين والإخوان: تفاهم أم تحالف) لأزيل الالتباس، وشرحت فيه اعتقادي أن ما بين سعد والإخوان ربما كان نوعا من التقارب والتفاهم والتعارف، وأبعد ما يكون عن التحالف. وأكدت على صديقي أن يراجع المفاهيم التي يطرحها الإخوان فربما التبس عليه خطابهم المخادع، وأن سحر الديمقراطية وإن كان فاعلا في تحول الأحزاب الأوروبية المسيحية إلى احتضان الديمقراطية والإيمان بها، فذلك لطبيعة المسيحية التي تعطى ما لقيصر لقيصر وما لله لله، وليس لديها شريعة تريد تطبيقها على الناس عبر السياسة، لكن هذا السحر الديمقراطي لا يجدي أبدا مع الجماعات الإسلامية التي تحمل مشروعا متكاملا بديلا لمفهوم الدولة الحديثة بالكامل. ولكن بعد مضى الشهور المنصرمة، وما قرأته بقلم سعد الدين إبراهيم بهذا الخصوص، دفعني دفعا لاتخاذ موقف جديد منة لم يعد يفترض حسن النوايا، حيث وضح لي أن حسن النوايا هو الطريق إلى جهنم فعلا. وبعد مضى الشهور المنصرمة، وما قرأته بقلم سعد الدين، بدأت أسجل منة موقفا ولم أعد أفترض أن المسألة مجرد تعارف كما سبق وقلت في الموضوعين السابقين. فقد اكتشفت فعلا أن الطريق إلى جهنم مفروش بحسن النوايا وان بعض دعاة المجتمع المدني الذين أجلّهم وأرى على رؤوسهم هالات القديسين لم يكونوا كما كنت اعتقد بهم، وهو ما كان صدمة شديدة لنظرتي المثالية إلى العلمانية ورجالها، وإن لم يغير ذلك من مبادئي شيئا.

سحر الديمقراطية:في هذا الموضوع وضعت محاذير كثيرة إزاء دعوة سعد الدين لمشاركة الإخوان في عملية الإصلاح الديمقراطي، أهمها أن مبادىء الإخوان العامة هي الايدولوجيا التي حكمت بلادنا منذ غزاها العرب واستوطنوها قبل1400عام مضت وحتى اليوم، ولم تصلح شيئا في بلادنا بل كانت سببا في انهيار مصر أم الحضارات وتخلفها. ولو كانت لديهم أدوات إصلاح لاستخدموها عبر تلك القرون الطويلة ولأصبحنا من الأمم المحترمة. وهى ذات الأيديولوجيا التي يصر الإخوان على التمسك بها للإصلاح الآتي بأدوات ومفاهيم 14 قرن مضت، ولا تحمل أي أدوات أو مفاهيم للإصلاح بالمعنى المطلوب اليوم. وتأكيدا لذلك قمت بمناقشة مبادرة الإخوان للإصلاح التي أعلنها مرشدهم محمد مهدى عاكف في 3/3/2004 وهى منشورة على موقعهم الالكتروني. حيث ظهرت في هذه المبادرة أشد الآراء ظلامية وشرا وتخلفا. وعلى مدى عام كامل ناقشت ما يقول الإخوان الكبار أولا بأوّل، نقاشا موضوعيا في شكل أسئلة واستفسارات تطلب منهم إجابات واضحة محددة لا تحتمل لبسا، لكنهم لم يردوا أبدا، لأنهم ببساطة لا يملكون ردا.وكان مناط خلافي مع سعد هو دعوته قبول انخراطهم في صندوق الاقتراع، دون إعلان واضح من جانبهم وبضمانات كافية تطمئننا على تغيرهم إزاء تاريخهم الارهابى، هو طريق يؤدى إلى كارثة. وقد ركزت مطالبي للإخوان في أن يعلنوا الموافقة على المبادىء التأسيسية للمفهوم الديمقراطي في شكل أسئلة: هل سيوافقون على حق تشريع البشر لأنفسهم حسب مصالحهم، أم سيصرون على تطبيق الشريعة الإسلامية؟ وهل سيعترفون للمرأة بالأهلية الكاملة كالذكر أم ستظل ناقصة حقوقيا في ميراثها وشهادتها باعتبار تلك حدود الله؟ وهل سيكون لها الولاية عند الاستحقاق كرئيسة وزراء أو رئيسة جمهورية وهو ما يتعارض مع الشريعة التي ترفض الولاية للأنثى على الذكر؟ وهل سيكون للأقباط حقوق مواطنة كاملة كالمسلمين؟ومن ثم ركزت نقدي للدكتور سعد على ما يعلمه هو والناس كلها تعلمه، وهو ما جرى خلال خمسين عاما من تزييف وعى الناس، كناتج طبيعي وضروري لإعلام موجّه، بامتلاك الحكــومة للـدولة ووســـائل التعلـــيم والإعلام فيها الذي لــم يعد يعرض شيئـا غير الإسلام. فلم يعد الناس يعرفون سوى سلعة واحدة معروضة في سوق المبادىء والأفكــــار هي الإسلام وحده.
ونتابع الدكتور سعد لنجده يقول في (ديمقراطية النجاة) ما نصه ً: "فنعم لدي هواجس ومخاوف، وهو أدعى للحـــوار لا الانزواء والجمود أو المقاطعة. نعم نحن نطلب منهم ضمانات لفظية ومكتوبة. نعـم نطلب منـهم الإقـرار الكامـل بحقــــوق المواطنة الكاملة، بما في ذلك تقلد كل المناصــب العامـــة حتى رئاســـة الجمهورية لغير المسلمين و للنسـاء. نعم نطلب منهم ألا يفرضوا وصاية روحيـة أو يدعوا احتكار الحقيقة الإيمانية أو يحاولوا فرضها في أمور المجتمــع والدولة والتشـريع إلا بموافقة الغالبية المنتخبةَ". لقد كـنت أتصـور أن الدكتور سعد مخدوع في الإخوان، فإذ به يعلم ما يعلم الجميــع عنهم. و إذ به يحمل ذات الهواجس و المخاوف التي نعاها على شخصي الضعيف. و إذ به يعــلم أنهم لا يقــرون بحق المواطـنة الكامل لغير المسـلمين . وإذ به يعلم أنهم يرفضــون ولاية المرآة على الرجــــال. و إذ به يعلم أنهم يفرضــون وصايتهم على الناس، بينـما اتهــمني وأنا شريكــه في البيــت الليبرالي بالوصـــاية على الناس. و إذ به يعلـــم ادعائهم احتكار الحقيقة الإيمانية، وإذ به يعلم أنهم يحاولون فرض حقيقتهم على الناس، لأنه عندما يطالبهم بهذه المطالب فهو يعلم يقينا أن تلك معايب أسـاسية و جوهـرية في الإخوان، وتضعهــم في حالة عـــداء لكل الحقــوق الإنسـانية التي توافقت عليها الدنيـا، لذلك لم يقولوها أبدا حتى الآن. لذلك يطالبهم حتى لو بالإعلان لفظا، بضمـانات كلامية، يطالبهم أن يقولوا مجرد القول الذي لم يقولوه أبدا حتى الآن، ويتطلع إلى هذا القول يوما ما مكتوبا ممهورا بتوقيعهم. و رغم علمه بكل هذا حـارب حربا شرسة ضروسا من أجل إشراكهم في عملية التحول الديمقراطي بمصر. رغـــم علمـه بسيادة خطابهم على الشارع المغيب الذي سيعطيهم صوته بفضل إعلام وتعليم دولتنا وحكومتنا المستبدة، ورغم علمه أنهم لـــم يتراجعوا لحظة عن مطلب تطبيق الشريعة الإسلامية التي هي النقيض التام للمفاهيم الحقوقية في المجتمع الديمقراطي، وأنهم إذا حدث وشكلوا الأغلبية فسيفرضونها على القانون والمجتمع والدولة. فإذ بسعد الدين لا يمانع في ذلك أبدا ما دامت لن تتم كما يقول: "إلا بموافقة الأغـلبيــــة المنتخبة ". والتي ستكون هي الإخوان بضرورة واقعنــــــــــا المؤسـف في بلادنا. وحملت "شفاف" انتقاداتي للدكتور سعد في حوار بتاريخ 23/7/2004،

فكانــــت المفـاجأة في قوله "ًإن حـوارا قد بدأ بيني وبين الجمـاعات الإسلامية في سجن مزرعة طــره، وكان أساسه لماذا أهتـم العـالم بي ولم يهتم بالإخوان. وسألني الإخوان كيف نوصل وجهة نظرنا للعـالم الغـربي.. .. وبعد الخـروج من السجن اجتمعنا أنا وبعض أعضـاء الجمـاعة أمثال عصام العريان ومحمد عبد القدوس ومختار نوح، وبعـــــض الغربيين، والأمريكيون رفضوا الحوار. وجلسـنا في النـادي السويسري بامبــــــابه و استمر الحوار يوما كاملا، ثم تركتهم معا لاستكمـال الحوار، وهذا كان دوري". أذكـركم أني قلت في موضوعي (سحر الديمقراطية) أني افترضت أن سعد الدين التقي بالإخوان في حبسه الظالم، وأنهم تمكنوا من التأثير عليه بخـاطبهم المخاتل. وثم أذكركم أن سعداً قد وصف كلامي هذا في رده (ديمقراطية النجاة) بأنه كلام " مبني على ادعاءات صحف مباحثية ".وإذا باحتمالي ليس احتمالا بل هو حقيقة جرت بها الكلمات على لسان سعد الدين نفسه، وأنه ليس ادعاءات صحف مباحثية، وأن لقاءات السجن واجتماعات التفاهم والتأثير والتأثر قد حدثت، قبل اللقاء العابر الوحيد حسب قوله بعد خروجهم من السجن. فهل كانت لقاءات السجن (ولا نعرف عددها بالتحديد) غير محسوبة عند سعد؟ وكم لقاء كانت يا ترى؟ أم أنها كانت مشاركة حياتية كاملة؟ ولماذا لم يذكر سعد تلك اللقاءات في موضوعه (ديمقراطية النجاة)؟ و لماذا اكتفى باتهامي بكــــل نقيصه؟ وهل بذلك الحديث المخاتل يكون سعد الدين رجل مجتمع مدني حقا؟ ومــــاذا يداري وماذا يبطن؟ إن هذا الحديث ذو الوجهين لا يليق بداعية حقوقي أبداً ولتبرير دعوته لإقـامة الإخوان حزب ديني إسلامي، ركز في (ديمقراطية النجاة) على وجود أحـزاب مسيحية في العالم الغربي تشارك في الفعل الديمقراطي ولا تنقـــلب على الديمقراطية، ثم عقب قائلا: "فهل ذلك حــلال لهم و حرام علينا؟ وهل المسلمون أو حتى المتأسلمون غير قابلين للتغيير و التطور؟ اليسو بشرا لا حجرا؟". وقد أثارت "شفاف" في حوارها معه هذه النقطة و قال له الصحفي سامح سامي: "هذا حدث في الغرب لطبيعة الدين المسيحي. والإخوان لم يمروا بأحداث كالتي مرت بها أوربا، ولا يصلح معهم تطبيق مفاهيم تتعلق بطبيعة الديمقراطية مثل التنوير أو التسامح أو العلمانية"َ. فكـان رد سعد المبهر حقا: "ما تقوله غير صحيح على الإطلاق، العالم كله يتغير والكل قابل للتغيير إلا فئة قليلة تعتبر التغيير انتهاء لسلطتها، مثل حسني مبارك و البابا شنودة".
عندما سبق وقلت أن الإخوان لم يتغيروا، أصر سعد على أنهم قد تغيروا لأنهم بشر لا حجــــر.وعندما قلت أنهم يمارسون الوصاية على الناس، قال لي أنك أنت من يمــارس تـلك الوصاية وتعتبر الناس قاصرين دائما. ثم نكتشف أن سعد يعلم أن هنــاك أنــاس لا يتغيرون و أنهم حجر لا بشر وضرب لهم مثل بحسني مبارك و البابا شنودة. فأي معيار يـسـتخدمه سعد لنعرف منه من يتغير ممن لا يتغير؟ هل المعيار هو أن من لا يتغير ويرفض التغيـير هو من يعتبر التغـيير انتهاء السلطة؟ إذا لنستمع إلي المرجع الإخواني الكبير الشيخ يوسف القرضاوى يشرح لنا لماذا لا يقبل الإخوان وكل المشتغلين بالإسلام علينا من الديمقراطية سوى صندوق الاقتراع وحـده، مع رفض كل ما يرتبط به من أنظمة و قوانيـــن و مــؤسســات تحمـي هــــذه الديمقــراطية، من حقـوق إنسـان هي أساس هـذه الديمقراطية، هي في جملتها ما نسميه العلمانية، و يطرح علينا الموقف في شكل قياس منطقي يقول: "إنه لا كهانة في الإسلام.و لا توجد فيه طبقة كهنوتية. فليس للإسلام سلطة دينية بابوية. على أن العلمانية إذا فصلت دين المسيحي عن دولته لا يضيع دينه ولا يزول سلطانه، لأن لدينه سلطة قائمة لها مؤسسـاتها و لها رجالها ومالها. بخلاف ما لو فعلت ذلك دولة إسلامية، فإن النتيجة أن يبقى الدين بغير سلطان يؤيده و قوة تسنده.. وهذا لا يعني إلا انقراض سلطة الدين الإسلامي بالمرة". المصيبة التي تسببها الديمقراطية الحقوقية العلمانية هي أنها سـتبقى الإسلام بدون سلطان، وبالطبع الإخوان ورجـال الدين و كل العاملين به. وهكذا يبدو الإسلام غير قادر على الاستمرار بقوته الذاتية بل بالمشتغلين بالدين علينا!! إنهم يتصورون أنه لولا وجودهم لضاع الإسلام. أنظر لحجم و كيف نظرتهم لدينهم و مدى ثقتهم فيه!! و للتأكـيد يسـتطرد قرضاوي: "إن العلمانية عندهم لم تمح سلطة الدين ورجاله، إنما فصلت بين السلطتين، أما نحن فليس لدينا سلطة دينية مقتدرة (لاحظ مقتدرة هذه!!) فالعلمانية عندنا تعنى تصفية الوجود الإسلامي: كتابه الإسلام و العلمانية / مكتبة وهبه/ القاهـرة / ص36، 39، 50، 90، متكررات".وهكذا نرى اضحا أن من يرفض أن يتغير، ويعلن ذلك، و يفصح عن خشيته من التغـيير على سلطته، هم الإخوان المسلمون بالمعيار الذي أختاره الدكتور سعد بنفسه.متغـيرات سعد الدين:
ـــــــــــ الواضح إذن أن الأخوان لم يتغيروا إنما من تغير هو سعد الدين إبراهيم... تعالوا معي نتفحص لغة سعد التي أصبحت إحدى السمات الجديدة في خطابه، فهو لا ينهي موضوعا من موضوعاته إلا بالخاتمة المشيخية "والله أعلم"!!وهي العبارة التي يستخدمها كل مفتى من مفتى الجمهورية الشيخ على جمعة الى المفتى الشيخ الفسخانى بإمبابة، وهى ان جازت لهم فهى لا تجوز لرجل مثل سعد، خاصة مع تكرارة الدائم لها. فتكرارها هو تدريب للعقل المسلم لينسحب من العلم ولا يتعامل معه كوسيلة واداة للمعرفة، بينما في العلم ( وسعد رجل علم اجتماع) نحن من يعلم وليس الله، وليس في العلم شىء اسمه (الله اعلم). فالعبارة اخلاء تام وصريح لسعد من مسئولية ما يقول. ولا يخدعنى القول انها خاتمة يقصد بها التواضع، لان العبارة تصدر منة كأى اخوانى عتيق لتعبر عن كون الحقيقة والمعرفة والمعلومة شيئا مخفيا، وان الله هو من اخفاها، لذلك لا يعلمهاالا الله وهو وحدة من يعرفها. ان عبارة (والله اعلم) المتكررة في خطاب سعد الدين هي دعوة صريحة لعدم البحث والمعرفة والعلم، بينما كان سعد من قبل يكسر تلك القاعدة ويعتبر الحقيقة مشاعا موضوعيا لمن يبتغيها ويبحث عنها. تعالوا نتابع التدقيق في عبارات سعد، وهو يقول انى بنيت موقفى من الإخوان الرافض لمشاركتهم في الفعل الديمقراطي وهم على حالهم "استنادا الى مواقف معلنة في الماضى من جانب بعض رموز الإخوان، و ان مبادئ الإخوان وسلوكياتهم التقليدية معروفة لي وللكافة، كما كان معروفا لي ما طرأ عليها وعليهم من تغير وتطور في العقود الثلاثة الاخيرة ". إن الدكتور سعد يدافع عن الإخوان بكلامه وعقله وروحة وقلبه وقلمه وكبده ويغالى ويشتط حتى يصبح إخوانيا اكثر من الإخوان. فالإخوان لم يقولوا ابدا انهم قد تراجعوا عن مواقفهم القديمة، ولم تصدر منهم إدانة واحدة لتلك المواقف. ولم يقولوا أنها كانت مواقف ماضية، ولم يقولوا أنها صدرت عن بعضهم كما يقول سعد، لأنها أيديولوجيا متكاملة، من أنكر بعضها فقد خرج عليها كلها، بل ويكون قد انكر معلوما من الدين بالضرورة. وهى قاعدة أساسية عندهم لا مجال لمجرد مناقشاتها. ولم يقل بعضهم وقال بعضهم، ولم يدع الإخوان أنفسهم يوما مثل هذا الادعاء. أما عدم اعتبار سعد لمكالمتي التلفونية معه حول تغيير "روز اليوسف" للعنوان (سحر الديمقراطية) إلى (تحالف سعد الدين والإخوان ديمقراطية الهلاك)، هو سلوك أقل ما يوصف به انة غير أمين لا يتصف بة العلماء المدنيين، إنما هو خاصية إخوانية معلومة تعمد إلى المراوغة وتعتمد الانتقاء والتربص والتصيد لهزيمة الخصم ولو بوسائل رديئة.
انظر معى إلى المراوغة والالتباس والخداع في علم سعد ان الإخوان لم يلفظوا ولو قول باللسان حتى الآن، يعلن موافقتهم على الحقوق الإنسانية والمواطنة، لذلك سعد يطالبهم بها، ومع ذلك يزعم أنهم قد تغيروا وأنة هو شخصيا يعرف أنهم قد تغيروا لأنهم بشر لا حجر، وأن من لم يتغير هو حسنى مبارك والبابا شنودة لأنهم بالضرورة هم حجر لا بشر. وتوجيه سعد سهامه إلى راس الكنيسة المرقسية المصرية الوطنية دون سبب واضح، ودون وجود الكنيسة أو البابا في الموضوع برمتة من اوله إلى اخره، إنما يشير إلى أن تحت الوجه الذي نعرفه لسعد، لحية كثة وجلباب قصير، لأن الهجوم على الكنيسة بمناسبة ودون مناسبة هو خطاب سلفى فاشى طائفى عنصرى معلوم. ورغم كل تجاوزات الإخوان فانهم لم يهاجموا رأس الكنيسة المصرية بدون مناسبة كما فعل سعد. ان أقوال سعد الملوثة للمختلف معه تفصح عن الشيخ الأصولى القابع بداخله.ولا يترك سعد فرصة إلاويصب جام غضبة على حسنى مبارك، وما علينا، بل هو لنا، لكن لنقرأ وندقق ما كتبخه أولا، لنفهم ثانيا يقول سعد في "شفاف" بتاريخ 4/12/2005:
"فالرجل (اى حسنى) بحماقة نظامة ورعونة حزبة الوطنى وسوء أداء اجهزتة الامنية، أفرغ الفضاء المصرى العام من كل البدائل السياسية الفاعلة والقادرة على المنافسة الحقيقية. أى أن مبارك دون تجنيد أو عمالة للإخوان، أدى لهم موضوعيا ودون قصد خدمات تاريخية تجل عن الحصر.. فشاة إيران هو الذي افرغ الساحة الإيرانية للخومينى، وصدام حسين هومن أفرغ الساحة العراقية للسيستانيين، وحسنى مبارك هو من يفرغ الساحة المصرية للإخوان المسلمين". كل هذا جميل، ولكن ما لسعد وما لآية الله السيستانى، وما لسعد والسيستانيين؟ ربما لوقال سعد ذلك عن جيش المهدى أو فيلق بدر مثلا، اوعن الشاب العصبى مقتدى الصدر مثلا، لفهمنا ووعينا وثمنا كلامه. لكن أن يهاجم السيستانيين بالتحديد، بينما السيستانى هو من دعا أتباعه دوما إلى العقل والمشاركة السياسية وعدم الردعلى العنف بالعنف، رغم ما يتعرضون له من مجازر يومية من العرب السنة الزرقاويين، فهو الأمر الغريب المثير للريبة... إن سعد يوجه نقدة كما لو كان السيستانيون هم من ملأ الساحة بعد صدام بالهدم والدم والتفجيروالخراب. وإن سعدا لم يهاجم الشاب مقتدى ولا جيش المهدى لانه حتى كتابة مقالة هذا كان الشاب مقتدى بتوجيهاته وأهدافة يقدم خدمات جليلة للسنة الزرقاوية، وكان مرضيا عنة من القاعدة ولو مؤقتا. لذلك ذهب سعد يهاجم رجل السلام الجليل بدون مناسبة كما سبق وهاجم رأس الكنيسة المصرية بدون مناسبة. بينما كان السيستانى ولم يزل، يعلم أن تماسك العراق وماحولة، أو تفجر العراق وماحولة، يمر من تحت كفية المتشابكتين دوما في خشوع القديسين، لذلك كان السيستانى هو رأس الحكمة في كل ما حدث ويحدث بالعراق. ألم يسمع الدكتور سعد رجل الدين الشيعى السيد أياد جمال الدين وهو يطالب بقيام دولة علمانية مدنية بالعراق كى ننقذ الإسلام من مخالب السلطة، ويقول لنا "كفى خطفا للدين منذ اربعة عشر قرنا، كفى من الاستبداد الدينى". إن رجل الدين الشيعى هنا اكثر مدنية من سعد الدين، ثم، أبدا لم يعتد الليبراليون وأهل المجتمع المدني تحقير أو تصغير أو اتهام الرموز المقدسة لمختلف الأديان. والبابا شنودة وآية الله السيستانى من تلك الرموز المقدسة والعزيزة لأصحابها والمؤمنين بها. إن لغة سعد لم تعد حتى لغة ليبرالية تحافظ على قيم العلمانية، إن لغة سعد أصبحت وهابية إقصائية، فكما هي ضد غير المسلمين، هي أيضا ضد كل من خالف مذهبها خاصة الشيعة الذين يسمونهم الروافض، وحتى لو كانوا أهل سلام ومحبة كالسيد السيستانى، وحتى لو كانوا مواطنين مصريين صالحين كالأنبا شنودة.
هكذا تكلم الإخــوان: ان سعد الدين على يقين بالتغيرات التى طرأت على الإخوان المسلمين، خلال العقود الثلاثة الآخيرة، فهلا قدم لنا أدلتة وشهادتة على مايقول حتى نعلم منه مايعلم هو ومالايعلم كل الناس؟ وحتى يطلعنا سعد على مالم نكن نعلم، نطلعة نحن هنا على ما نعلم. في أواخر عام 1999 أى قبل أحداث 11 سبتمبر بشهور، أصدر المرجع الإخوانى قرضاوى كتابا ضخما في تمجيد الإخوان الذين سيقيمون الخلافة الراشدة، حيث أكد فيه أن سلوك الإخوان هوسلوك الخلفاء الأربعة الأوائل، بل وأتبع اسم كل رمز إخوانى يعرض له بعبارة (رضى الله عنه) الخاصة بصحابة النبى وحدهم. كان الرجل في قمة نشوتة بأنتصارات الصحوة الإسلامية وما حققتة من نجاحات في إطلاق اللحى وتقصير الجلاليب وضرب الحجاب على النساء وحصار الثقافات والفنون، وتمكنت من بسط سلطانها على عقل الشارع الإسلامى في كل مكان (وهذه أمثلته هو على ماحققه الإخوان من نجاحات)، أقتطع هنا فقرة واحدة عشوائيا من كتابة الذي يعبرعن كل سطر فيه عن الزهو الإخوانى واستعدادهم لاستلام قيادة الكوكب الأرضى، فيقول:"لقد استطاعت حركة الإخوان المسلمين اأن تقاوم الغزو الثقافى وتهزمه هزيمة ساحقة في عدة معارك.. واليوم يتجاوز الفكر الإسلامى هذا الموقف وينتقل من الدفاع إلى الهجوم، ومن الاعتذار إلى المواجهة، ومن الانبهار بالحضارة الغربية إلى الكشف عن خوائها.. وأصبح الذين كانو يدعون منهم إلى تقليد الحضارة الغربية.. في حاجة إلى الدفاع عن أنفسهم، بل البراءة من دعواهم. وعدد منهم انتقل إلى الخط المتحالف مع الإخوان وانضم إلى قافلة الدعاة للإسلام. لقد اصبحت الهوية الإسلامية حقيقة واقعية بعد أن كانت مثار جدل، وطاردت الحركة الإسلامية الفكرة العلمانية المستوردة التى تعزل الدين عن المجتمع وعن الدولة وسياستها.. واستطاع الفكر الإسلامى أن يثبت صلاحيتة لكل زمان ومكان / كتابة : الإخوان المسلمون / مكتبة وهبة القاهرة، ص208، 209 ) واذا كانت النشوة قد بلغت بالشيخ العجوز كل هذا المبلغ، فلامؤاخذة إذن إن استعجل تلامذة قرضاوى والإخوان من الشباب الوصول السريع إلى سيادة العالم، فحملوا السلاح ضد أوطانهم وضد العالم، بعد ان غسل المعتدلون الذين لا يحملون السلاح أدمغة من يحملون السلاح ليحملوة، وهوماأدى الى أحداث 11سبتمبر الرهيبة، وأفرغ نتائجة في تحالف دولى ضد الإرهاب الإسلامى الدولى بدورة، وتم إسقاط نظام طالبان، ثم نظام صدام، ويالهفى على عراق يلعق دم جروحة إن زمن الطاغية أو زمن الخلاص المفترض، مع مطالبة دولية صارمة للجميع في منطقتنا بضرورة إصلاح ديمقراطى على كل المستويات حتى توقف المبادئ الديمقراطية تفريخ العنف وتصديرة. وهو مادفع الجميع وفى مقدمتهم قرضاوى وإخوانة لإعلان إيمانهم أن الديمقراطية إنما هي روح الاسلام وجوهرة المتين، وأنهم قد تراجعوا عن فكرة إقامة دولة دينية ثيوقراطية، لكنهم سيقيمون دولة ديمقراطية إسلامية!!
وقد سبق لي وناقشت طروحات الإسلاميين حول الديمقراطية في أكثر من عشرين دراسة منشورة، ثم ضممتها إلى كتابى ( اهل الدين والديمقراطية )، وإلى كتابى ( شكراً.. بن لادن )، وفى هذه الدراسات لم أجد في جديد الإخوان سوى لون من التقية الرديئة المعروفة والمقننة شرعا، فيعطيك من طرف اللسان حلاوة ويروغ منك كما يروغ الثعلب، فهل هذا هو التغيير الذي يقصدة الدكتور سعد فيما طرأ على الإخوان؟ لقد دعوتة في ردى (سعد الدين والإخوان تفاهم أم تحالف ) ألايهتم بعنوان لم اضعة بنفسى ليكرس لة موضوعة، وأن الأجدى بة أن يتناول صلب القضية فيما قدمته من نقد لمبادرة الإخوان واقوالهم حول الديمقراطية، بأسانيد قواطع، وأن يرد علينا ليفحمنا إن استطاع حيث لامكان للأحاديث العمومية والألفاظ الفضفاضة، إنما للدليل والوثيقة والبرهان والقرينة.. لكن سعدا على ماطرحنا لم يرد، وذهب يحتج على العنوان وأنه غير حليف للإخوان، أما الإخوان أنفسهم فلم يحيروا ردا على أى سؤال واضح طرحناة عليهم حول مبادرتهم للإصلاح الديمقراطي حتى تاريخة. ولأنة من الصعب هنا تكثيف عشرين دراسة مطولة، فسأكتفى بإشارات سريعة جمعتها مجددا من على الشبكة الدولية للمعلومات، وهى الإشارات التى تثبت بلسان الإخوان أن دعاية سعد الدين لهم بالتغيير هي دعاية خادعة وكاذبة. في 30/11/2004 أجرى الصحفى النابة سامح فوزى حوارا لصحيفة الحياة مع مأمون الهضيبى المرشد العام حينذاك للإخوان وسألة : "هل الأقباط مواطنون أم أهل ذمة؟" وعلى عادة الإخوان الملتبسة الخداعية اجابة : "هم الإثنين معا". لكن سامح أصر على رد واضح محدد قاطع مما أضطر المرشد للكشف عما في القلب من جوه بقوله: "هم أهل ذمه"!! وبعد وفاة الهضيبى وحلول مهدى عاكف محلة مرشدا، صرح نائبه محمد حبيب لصحيفة الزمان اللندنية في 17/5/2005 بالقول : "نحن جماعة الإخوان نرفض أى دستور يقوم على القوانين العلمانية، ولهذا السبب فإنه من غير الممكن أن يشكل الأقباط أى كيان سياسى، وحين نستلم السلطة والحكم في مصر (أنظر الى الثقة التى لا تهتز)!! فسنقوم باستبدال دستورها بدستور إسلامى يمنع تعيين غير المسلمين في المناصب السيادية وفى الجيش". وليس الدستور ما سيتم استبداله بغيره وكفى، بل كل القوانين المدنية لتحل محلها الشريعة الإسلامية. وهو ماصرح به الدكتور عصام العريان في حوار مع مايكل سلاكمان في النيويورك تايمز 25 /3/2006. ولن تكون الشريعة أوالقرآن هي المصدر الرئيسى للتشريع لسبب بسيط هو لأن القانون سيكون هو القرآن نفسه، ولكن بشكل ديموقراطى لأن الإخوان المسلمين ليسوا ضد الديمقراطية!!
هو نفسة الدكتور العريان الذي صرح بالفم المليان لقناة العربية الفضائية في 18/1/2005: "إننا لم نغير أهدافنا ومبادئنا منذ عام 1928 وحتى الآن". أما كبيرهم الذي يعلمهم السحر محمد مهدى عاكف فقد ختمها في الشهر السادس من العام 2006 بصوته المسجل والمعلن في برنامج نقطة حوار والمنشور في مجلة روزاليوسف، حين رفض مبدأ المواطنة بالكلية، كقيمة أساسية للانتماء، وأعلن أنة يفضل أن يحكم ماليزى أو أندونيسى مصر على أن يحكمها مصرى غير مسلم يضرب بجذورة فيها آلآف السنين الى الوراء قبل ان تعرف مصر لاالعرب ولا الإسلام. وقال قولتة المأثورة التى ستعيش سنينا دون أن تنسى (طظ في مصر وأبو مصر واللى في مصر). من نصدق هنا: الإخوان بلسانهم وإعلانهم أنهم لم يتغيروا منذ تأسيس جماعتهم، أم نصدق سعد الدين إبراهيم وهو يجملهم لنا بمالا يعترفون هم به؟ هكذا تكلم سعد الدين: ان سعدا يعلم ما نعلمة، بدليل إعلانة توجسة ومخاوفة من فرض الإخوان وصايتهم الروحية واحتكارهم للحقيقة الإيمانية، وفرضها في أمور الدولة والتشريع، لكنة ليس توجسا إزاء شئ هين. لأننا مع الإخوان بازاء مشروع كامل يناقض القائم كلة دولة ومجتمعا وسياسة وأقتصادا، مشروعا بديلا للدولة المعاصرة بالكلية. ولكن توجس سعد لم يمنعه من الموافقة على وصايتهم الروحية، واحتكارهم الحقيقة الإيمانية، وفرضها في أمور الدولة والتشريع، وذلك في استطرادة المشروط بـ(إلا) المعتادة دوما في ختام الخطابات التجديدية الاخوانية. وجواب الشرط هو "إلا بموافقة الأغلبية المنتخبة"، وهى الأغلبية التى ستكون بديمقراطية سعد الدين هي الأغلبية الإخوانية بالضرورة. ويحذو سعد حذو الإخوان القذة بالقذة والنعل حذو النعل. فهو يشرح لنا معنى المجتمع المدني بقولة في (ديمقراطية النجاة) : "المجتمع المدني يضم أطرافا وجماعات وتنظيمات مختلفة المشارب والمصالح والملل والنحل ولكنها متعايشة سلميا، ومتعاملة فيما ينفع بعضها بعضا". ولتأصيل المعنى تاريخيا، ضرب مثلا لسبقنا كمسلمين العالم كله في ماضينا الإسلامى الى هذا التعريف الحديث للمجتمع المدني فقال : "وكانت صحيفة المدينة غداة الهجرة النبوية إلى يثرب هي نموذج مبكر لذلك، حيث أرست قواعد التعايش بين المسلمين واليهود والقبائل المختلفة عقائدهم". وللتدليل على هذا السبق الفريد يتابع أنه "بعد خمسة قرون تقريبا وقع ملك انكلترا عهدا مماثلا مع رجال الدين والأمراء واللوردات في إنكلترا لتنظيم الحقوق والممارسات المدنية، وعرف باسم الماغنا كارتا 1215". أى أن الغرب لم يبدأ أولى خطواتة نحو المجتمع المدني بالماجناكارتا إلا بعد سبقنا لة بخمس قرون كاملة.
الدكتور سعد يفعل فعل مصطفى محمود وزغلول النجارعندما يوفقون تزويرا بين العلم الحديث والإسلام، ليثبت سبق المسلمين الى اكتشاف المجتمع المدني. فلا نخافن إذن من الإخوان فقد كانو الى الفضل أسبق وبه أعرف. لقد ضاع الوطن من ذاكرة الدكتورسعد ومعه أيضا تاريخ العالم كله بعد ان بقيت فية الطائفة وحدها، فذهب إلى ماوراء البحار، إلى بلاد غير البلاد وإلى فيافى الحجاز وبرارى نجد ليضرب للناس من هناك الأمثال لعلهم يفقهون. ولم يجد في وطنه الذي هو مدرسة المدنية الأولى للعالم كلة، وثيقة واحدة يضرب منها الأمثال للناس. ولو كان مقصده الاستشهاد على وجود مفاهيم مجتمع مدنى من تجارب الإنسانية فلماذا لم يذهب إلى قوانين حامورابى الرافدية أو إلى ألواح روما الإثنى عشر أو لديمقراطية أثينا أو الأبجدية الفينيقية ووثائق أوغاريت الشامية. لقد ذهب الى الوثيقة الطائفية الوحيدة التى لم تعش سوى أشهراً انتهت بقتال مرير بين أطرافها وعداء تاريخى دموى استمر بينهم حتى اليوم. لقد أصبح سعد يتحدث برطانة السلفيين ويضرب الأمثال للناس لعلهم يفقهون من تاريخ الغزاة الفاتحين المنتصرين الذين فرضوا تاريخهم على المغلوبين. مرة أخرى نتبع سعداً فنجده عن حذو الإخوان لا يحيد أنملة. فيتبنى إعلانهم عن هدفهم الجديد بإقامة دولة الإسلاميين الديمقراطيين المباركة، من بعد سقوط الصحوة الإسلامية في وحل الإرهاب والدم والحرق والسلخ والذبح، بموضوع نشرة في "شفاف" بتاريخ 26/11/2005، جعل عنوانه إعلانا مهيبا يبشر بالعهد الآتي فهو: (من الإخوان المسلمين إلى الديمقراطيين المسلمين)!!
وقد خصص هذا الموضوع للرد على فزع الأقباط مما حصده الإخوان من مقاعد نيابية. فقام يضع لهؤلاء الفزعين ثلاثة بدائل هي كما قالها على الترتيب : " البديل الأول هو القهر أوالإبادة للإخوان المسلمين، وهو تقريبا ما حدث في الجزائر.. فتدخل جيش التحرير الجزائرى بمباركة فرنسية وربما أمريكية لمنع وصول الإسلاميين أوحتى مشاركتهم في السلطة. ونشبت مواجهات دموية مسلحة وراح ضحيتها مايقرب من مائتى ألف قتيل وجريح وهذا بالمناسبة هو نفس السيناريو الذي كان نظام الرئيس حافظ الأسد قد لجأ اليه عام 1981 حينما دك مدينة حماة ليبيد الإخوان المسلمين في سورية، ويقال أن عدد الذين قتلوا في هذه المواجهات كان حوالى ثلاثين الفا ".
هذة صياغة إخوانية يكمن وراءها خطابهم المراوغ الخداعى، صياغة تقلب الحقائق حتى الخبرية المجردة والمعلومة بمخاتلة زئبقية. لان الإبادة في الجزائر قد حدثت كما يعلم العالم كلة من السلفيين الإسلاميين ضد ضحايا مدنيين ومعظمهم كتاب وباحثين وصحفيين ومثقفين وموظفين وفلاحين وعمال فقط لأنهم موظفون حكوميون، أو لمجرد انهم متفرنجين ولا تلبس بناتهن الخمار أوالنقاب. الدكتور سعد يصور ما حدث مذبحة قام بها الجيش الجزائرى ضد السلفيين فقتل منهم مائتى الف ويشبهة بقصف حماة بالطيران السورى للقضاء على الإخوان، وهو بالفعل ما فعلة حافظ الأسد بعد أن قام الإخوان هناك بمحاولة الاستيلاء على مدرسة المدفعية بحلب بالقنابل والرشا شات، ليكون ما حدث في الجزائر هو ذات ما حدث في سوريا!! ثم يضع للاقباط بديلة الثانى إزاء فوز الإخوان، وهو "الانسحاب والتقوقع والشكوى، وتحديدا للأقباط تصفية أعمالهم في مصر وحزم حقائبهم والرحيل". إن المدقق في هذا الكلام سيكتشف إيمان سعد الدين اليقينى الذي لايهتز كأنة أحد أقطاب الأخوان، بأن الإخوان آتون إلى الحكم إتية لاريب فيها، وعلى الأقباط أن يرحلوا أو أن يقبلوا ببديلة الثالث وهو حسبما قال: " الانخراط الجاد في العمل العام" وهذا الانخراط عنده هو الحوار مع الإخوان المسلمين، فمن شأنة أن يوضح ويبدد مخاوف الأقباط وهواجسهم، إذ ربما تكون الصورة النمطية عن الإخوان مغلوطة وغير دقيقة. ربما تكون هذه الصورة قديمة أعتنقها الإخوان حينا من الدهر، ولكنهم تجاوزوها وغيروا نظرتهم للآخر غير المسلم"!!! ان الإخوان وقناة الجزيرة والمجد وأقرأ وأخواتها والتلفاز المصرى وخطباء الجمعة في ملايين المساجد وسعد الدين إبراهيم بعد أن يزوروا علينا الأخبار، يطالبوننا التسليم بأن الإخوان قد تغيروا وأن ما لدينا صورة نمطية مغلوطة غير دقيقة، إنه يقرأ نياتهم وسبق له أن اتهمنى بقراءة النيات ضد الإخوان، فقرر من جانبه أن يقرأها لصالح الإخوان دون مبرر واحد يقدمه أو دليل يدعم به موقفه أو حتى لجعل قولة ذا معنى. تعالوا نستمع إلى مرشد الإخوان الأستاذ محمد مهدى عاكف، وهو يبارك فوز حماس ( كفرع فلسطينى ضارب للإخوان ) با لانتحابات وتشكيلها الحكومةفيقول : "وإذا كانت العلاقة المميزة للانتفاضة الاولى هي طفل الحجارة, فان العلامة المميزة للانتفاضة الثانية هي الجهادى الانتحاري وربما كان أطفال الحجارة هم أنفسهم الذين تخرجوا جهاد يين انتحاريين بعد خمسة عشر عاما من انتفاضتهم الأولى.. . وإن القادة الجدد هم جميعا من ولدوا بعد الاحتلال الإسرائيلى، ونشأوا وشبوا على أرض فلسطين ولم يغادروها، ولم تفسدهم السلطة أو تلوثهم الأنظمة العربية الحاكمة ". بالطبع ليس غريبا بالمرة أن نسمع مثل هذا الكلام من مرشد الإخوان، لكن الحق أقول لكم هذا ليس كلام مرشد الإخوان، لكنة كلام سعد الدين إبراهيم بالنص بشفاف بعنوان "حماس والمد الاسلامى الديمقراطي "، بتاريخ 16/2/2006... ... فهل لاحظتم أى فرق بين منهج تفكير وأسلوب سعد، ومنهج تفكير وأسلوب عاكف؟ إن سعدا يحتاج إذن إلى وقفة واضحة من كل الليبراليين العرب.
بل ويأخذ سعد أبناءنا بالجامعة الأمريكية لرحلة إلى فلسطين ليلتقوا هناك بالقادة الجدد، وقد سجل حكاية هذا اللقاء بموضوع نشرة بشفاف في 20/4/2006 بعنوان (في رحاب حماس):
والتعبير (في رحاب) تعبير عربي معتاد في التعامل مع المقدسات، كالقول في رحاب الله وفى رحاب المسجد وفى رحاب مكة، أو في رحاب الجامعة كما كنا نقول في الزمن الجميل تقديسا للعلم، أما أن يقول في رحاب حماس فتلك والله ثالثة الأثافي القاصمة. يحكى الأخ سعد الدين في قاصمتة فيقول: "وكان الاهتمام بحماس هو الأكثر إلحاحا، لاختبار فرضية شائعة في دراسة الحركات ألاجتماعيه ألثوريه، معناها أن الاقتراب من السلطة أو النجاح في اعتلاء مقاعدها، يحول هذه الحركات من النزعة الثورية العنيفة إلى الاعتدال ". إن سعد يأخذنا معه إلى مختبره العلمي ليثبت لنا أن وصول الإخوان للحكم قد حولهم من ثوريين دمويين إلى حكام معتدلين، فماذا قدم لنا من أدله على هذا الاعتدال؟يقول: "كان في استقبالنا الدكتور عزيز الدويك رئيس المجلس التشريعى ورحب بنا الرجل ترحيبا حارا، ولاحظنا جميعا أن هناك 13 مقعدا من مقاعد المجلس عليها صور كبيرة لأعضاء المجلس الذين تم انتخابهم رغم وجودهم في السجون الإسرائيلية.. خاطبنا بإنجليزية سلسله وبليغة حازت إعجاب الجميع، ولكن إعجابهم الأشد كان بسبب الوضوح والاتساق وقوه الحجج.. . ولم يتهرب من أي سؤال.. . وكان أهم ما جاء في حديث عزيز ألدويك: أولا أن حركه حماس هي حركه تحرير وطني فلسطينية الوجهة إسلامية الجذور، وأن فوزها في الانتخابات حسم السجال العظيم حول التناقض بين الإسلام والديمقراطية.. . وأن حكومة حماس تلتزم بمواثيقها للشعب الفلسطيني والتي على أساسها انتخبت، وتلتزم بالمواثيق الدولية التي أقرها المجتمع الدولي". المهم ما أن ينتهي هذا الاجتماع التاريخي ليعود سعد وطلابه إلى بيت لحم حيث يقول: "وعندما عدنا إلى بيت لحم في الضفة الغربية علمنا بالعمليه الأنتحاريه التي قام بها أحد الفلسطينيين من تنظيم الجهاد المناوئ لحماس".
تعالوا إذن نرصد أهم الادله على تحول الحركات العنيفة إلى معتدلة عندما تجلس على العرش: أولا ترحيب الدويك الحار بهم، فلم يأتهم لابسا قناعا يخفى معالم وجهة ولا حاملا لرشاش يطلقة في الهواء ولا مكشرا عن أنيابه مثل بقية المتطرفين، وهذه علامة أولى،. أما العلامة الثانية فهي أنه خاطبهم بإنجليزية سلسة وهى لاشك علامة حداثة وتمدن وتحضر حتى حازت بلاغتة الإنجليزية إعجاب الجميع. وينبهنا إلى ملاحظة الجميع لصور المعتقلين المنتخبين على كراسيها شاخصة بالمجلس التشريعى؟! فهل يرى عالم الاجتماع أن عنترية إثبات الوجود للمعتقلين بانتخابهم وهم في المعتقلات، ووضع صورهم في كراسيها هو تطور وتقدم واعتدال؟ كيف ستصوت هذه الصور الشاخصة الصامتة وكيف سيقدمون طلبات الإحاطة وكيف سيناقشون التشريعات، وفى النهاية ماهو مقدار الصدق في القرار التشريعى؟ حتى الآن لم يقدم سعد شيئا يشير إلى حسم السجال العقيم حول التناقض بين الإسلام والديمقراطية، ولا إلى اعتدال حماس، فرئيس المجلس كعادة الإخوان يستخدم لغتين، لغة تتحدث عن وطن هو فلسطين بينما وثائق الإخوان كلها المعلنة للجميع لا تعترف بشئ إسمه الوطن، وضمن هذة الوثائق وثيقة حماس التي دخلت بموجبها الانتخابات. أيضا يقدم لنا اللغتين في التزام الدويك وحماس بميثاقها مع التزامها في الوقت نفسه بالمواثيق التي اقرها المجتمع الدولي !!فهلا يعلم الدكتور سعد أن ميثاق حماس لايلتقى بالمرة مع المواثيق الدولية؟ بالطبع يعلم لكنه يتكلم بلسان الإخوان. فميثاق حماس يعمد إلى قرار الخليفة عمر بن الخطاب منذ ما يزيد على أربعة عشر قرنا، عندما طلب العرب الفاتحون من الخليفة تقسيم الأرض بينهم بما عليها من ثروات أو بشر كما تقسم غنيمة العسكر حسب الشريعة، فقرر عمر أن يجعلها ملكا للعرب جميعا في شكل( وقف) تعود منافعه على الأجيال التالية لأبناء العرب الفاتحين لينال الأحفاد نصيبهم من غنيمة الأجداد. وميثاق حماس يقول : إن فلسطين كلها من النهر إلى البحر وقف ديني للمسلمين عبر الأجيال حتى يوم القيامة. لكن حتى يكون الميثاق صادقا كان لابد على حماس أن تكون أكثر التزاما بالإيمان الاسلامى، فهذا الحق للعرب الفاتحين وحدهم، لذلك على حماس إن أرادت الإخلاص للدين، أن ترسل ضريبة الرؤوس خراجا عن مسلميها، والجزية خراجا عن مسيحيي فلسطين، وان يرسلوا نساءهم لأصحاب الحق الشرعي في ركوبهن في جزيرة العرب، بل أن حماس بكل رجالها حسب القرار العمرى إنما هم فيئ ضمن الفييء المستحق لعرب الحجاز وحدهم.
إن عالم الاجتماع لم يرى مطلقا حجم التناقض بين الحديث عن فلسطين كوقف على العرب الفاتحين (يزور الحماسيون تاريخنا المقدس ويعممون الوقف على كل المسلمين)، وبين الحديث عن فلسطين كوطن، وبين مفهوم الوقف ومفهوم المواطنة! أم ضاعت البوصلة من سعد حتى راح يروج لالتزام حماس بالمواثيق الدولية، وهى تطلب فلسطين من النهر إلى البحر!!الم يقرا سعد البند الميثاقى الخماسي الذي يؤكد أن ألمشكله الفلسطينية لا حل لها الا بالفريضة الاسلاميه على كل مسلم فريضة الجهاد؟ وكيف يرى حماس تعترف بالمواثيق الدولية ويروج لذلك، وتؤمن بميثاقها في الوقت ذاته، وهو الميثاق القائل في بنوده أن الأمم المتحدة ومواثيقها هي صناعه لمؤامرة يهودية محبوكة هدفها تدمير القيم في بلادنا ليسهل لهم السيطرة علينا وعلى العالم. ألم يقرأ سعد في ميثاق حماس حديث شجر الغرقد الذي سينادى المسلمين يوم المذبحة الكبرى لليهود : ورائى يهودي يا مسلم تعالى فأقتله؟ ألم يقرأ سعد إصرار ميثاق حماس على ربط القضية الفلسطينية بكراهية قديمة حدثت في بلاد الحجاز منذ أربعه عشر قرنا، باعتبارها قضيه دينيه لا وطنيه، وضرورة تنشئه النشء المسلم على هذه الكراهية؟ ألا يرى سعد أن الأمم المتحدة والعالم كله لن يفهمنا عندما نتحدث هذه اللغة ولن يرى فينا سوى مجموعه إرهابيين؟ ألا يرى سعد أن ذلك ضياع لقضية وطنيه شريفة، كان يكفيها أن تطرح تحت مظله المواطنة ليشارك فيها المسيحي الفلسطيني أخيه المسلم الفلسطيني وكل الملل والنحل، وأن تجد من يفهمها ويتعاطف معها ويدعمها في كل بلاد الدنيا، لأنها كلها لأهلها أوطانا وليست أديانا. لقد أراد الأخوان من سعد في السجن (حسب كلامه) أن يعلمهم كيف يتحدثون مع العالم بلغه هذا العالم لكسب تأييده وتعاطفه معهم، فإذ به يرطن رطانتهم ويروج لأشد أفكارهم رجعية وانغلاقا ودهاء وإزدواجيه ومخاتلة. يبدو أن التأسلم قادر على محو كل ما قبله، كما الإسلام يجب ما قبله. ويبدو أن العملية الانتحارية التي قام بها الجهاد أفسدت على سعد ما أراد ترسيخه في أذهان طلابه، فقام يصف تنظيم الجهاد بأنه مناوئ لحماس؟ منذ متى؟ وكيف؟ ولماذا؟ أم أن الجهاد يمارس العنف حتى يصل إلى السلطة بدوره ويجلس على العرش معتدلا، فيعتدل؟ وهل كي نصل إلى السلطة يجب أن نمارس العنف أولا؟ ثم كان خير خواتيم سعد بموضوعه المنشور بشفاف بتاريخ 13/7/2005 تحت عنوان (الاستبداد واضطهاد المعتدلين.. عصام العريان نموذجا):

وفى هذا الموضوع يظهر عن سعد كثير مما أخفاه عنا في علاقته بإلاخوان، وعلى امتداد ربع قرن مضى.يقول سعد الدين: "أصبحت مقتنعا أن نظام مبارك لا يطيق الناشطين المعتدلين.. حتى لا يظهر في الساحة سوى المتشددين". وهو كلام نبصم عليه بالعشرة، لكن ما نرفض الموافقة عليه أن يكون نموذج هؤلاء المعتدلين هو القطب الإخوانى الدكتور / عصام العريان!! الذي اعتقله الأمن المصري فكتب سعد موضوعه يدافع عن العريان بالروح وبالقلم. يقول سعد: "لقد عرفت عصام العريان على امتداد الربع القرن الماضى، وقد تزامنت عودتي من الخارج 1975 مع سنوات نشاطه الطلابي في كليه الطب. ومع اهتماماتي البحثية بالحركة الإسلامية، كان طبيعيا أن ألقاه، حيث كان هو أحد رموزها البازغة، وفى أهم فصائلها النشطة وهى جماعه الإخوان المسلمين. وكانت الجماعة قد أعلنت إقلاعها عن العنف بعد صفقه غير معلنه مع الرئيس الراحل أنور السادات عام 1972، ولكن قليلون هم الذين صدقوا هذا الإعلان في ذلك الوقت.. وفى كل مجهوداتي البحثية كان عصام العريان ندا ومحاورا من الطراز الأول.. ورغم أني أختلف معه أيديولوجيا، إلا أن احترما متبادلا وألفه إنسانيه دافئة نمت بيننا على مر السنين. ثم تزاملنا في العمل النقابي في تلك السنوات من 1986 – 1996.. وتلازمنا في سجون مبارك.. وكثيرا ما تبادلنا حكايات وطرائف والام السجن في لقاءتنا بعد الخروج.. وفى السنتين الأخيرتين جمعني بعصام العريان مؤتمران هامان، الأول في ابريل 2001.. وكان استكمالا لحواري في السجن مع الفصائل الإسلاميه.. ونظمت لهم حوارا استمر يوما كاملا مع عدد من الدبلوماسيين الغربيين في القاهرة وشارك عصام العريان، بل كان أحد نجوم الحوار، وأنبهر به الغربيين.. أما المناسبة الأخيرة فقد كانت في ديسمبر 2004 في الأردن في مؤتمر نظمه مركز دراسات الإسلام والديموقراطية، وشارك فيه أمريكيون وعرب مسلمين وغير مسلمين.. وطالب المنظمون من عصام العريان ومنى أن نتقمص أدوارا أساسيه معاكسه تماما لأدوارنا الفعلية في الحياة ألعامه. ومن ذلك أن يقدم هو حججا مقنعه ضد تطبيق الشريعة أو إقامة الدولة الدينيه، والمدهش أن عصام قام بهذا الدور خير قيام.. وعلى إمداد 25 عاما لم أسمع عصام العريان يدعو إلى العنف أو يحض على كراهية الآخر غير المسلم أو المختلف معه في الرأي. كان عصام طالبا نابها في الطب وكان نقابيا لامعا وخاض وفاز في انتخبات برلمانيه، وكان أداؤه في مجلس الشعب نموذجيا بشهادة زملائه من نواب الأحزاب الأخرى.. مبارك ؛ إرفع يدك عن عصام العريان ".
من نافلة القول أننا ضد أى اعتقالات ومحكمات لا تتم بالطريق القانوني المدني الطبيعي، ضد قوانين الطوارئ والاعتقالات التي تواظب أنظمتنا الاستبدادية على ممارستها، سواء كان المعتقل عصام العريان أو سعد الدين إبراهيم أو أيمن الظواهري، ونطالب مع سعد الدين برفع يد النظام عن جميع المواطنين مسلمين وأقباط ونشطاء حقوق وحريات. لكن سعدا عندما يذكرنا بصفقه السادات مع الإخوان أيام كان الدكتور العريان طالبا ناشطا إسلاميا، فهو إنما يذكرنا بأيام طعمها كالحنظل ولونها اشد سوادا من الليل البهيم، أيام تسلطن التيار الإسلامى بالجامعات، وضرب الطلبة أساتذتهم الليبراللين بالأحذيه في قاعات المحاضرات، يذكرنا بأيام مهاجمه التيار الإسلامى للحفلات الجامعية المعتادة، وتدميرهم الكراسي وآلات الموسيقى والميكرفونات على رؤوس العازفين والحضور، أيام كانوا يشوهون وجوه السافرات بماء النار، أيام منعوا الحفلات ألمسرحيه بالقوة، أيام الزموا الأقباط المذلة والمسكنة والصغار، برعاية شخصيه من الرئيس المؤمن، وتحت سمع وبصر البوليس المصري، وأثاروا الفتن الطائفية من السلوم والعريش إلى أسوان وعنيبة. إن الدكتور سعد يفخر بزمالته لناشط إسلامى كان نشاطه في الزمن الأغبر، حتى قتلوا الرجل الذي أفرج عنهم وترك لهم مصر سداحا مداحا يوم نصره، ولم يسلم من شر نشاطهم الإيمانى أحد، لا عدو ولا حبيب. ثم يذكرنا الدكتور سعد الدين مره أخرى بأيام استيلاء الإخوان على النقابات، عندما نشط الدكتور عصام العريان في نقابه الأطباء بعد تخرجه، حيث تم التحول عن قسم أبقراط أبو الطب، إلى قسم لا علاقة له بالطب بل بالطائفة وحدها، رغم أن بادج النقابة يحمل اسم ( النقابة العامة لأطباء مصر ) أي إنها لكل الأطباء مسلمين وغير مسلمين، فإن العريان وإخوانه عندما نشطوا بالنقابة جعلوا القسم يبدأ بالبسملة الاسلاميه ( بسم الله الرحمن الرحيم )، رغما أن قسما كهذا لا يفتتح هكذا، فكي تبدأ بالبسملة فذلك يعنى أنك ستقول كلاما مقدسا، ويا ليت الغرض كان تقديس مهنه الطب، بل كان هو الأسلمه الإجباريه لكل طبيب غير مسلم عندما يؤدى القسم مع عدم اعتراف رسمي بوجود أطباء غير مسلمين يزيد عددهم عن ثلث أطباء النقابة. لأنه لو كان الغرض من البسملة هو تقديس هذه المهنة الجليلة وممارستها بشرف يليق بها، لتم إعطاء الطبيب المسيحي نفس الفرصه ليقسم بمقدسه هو الذي يؤمن به.
ثم بعد البسملة صياغة إسلامية كاملة المفردات مبنى ومعنى، مثل "تعاون الهيئة الطبية على البر والتقوى ". ومن يومها لا يقسم الأطباء على شرف المهنة بضمير شخصي نقى بين الطبيب وربة، إنما هم يقسمون على البر والتقوى، فما للبر والطب؟ وما للتقوى وما للمرض والعلاج؟ ومن ثم تمت عملية استتباع الأطباء المسيحيين جبرا للأطباء المسلمين السادة. ومن باب زيادة النكاية فيهم يقول البند الأخير من القسم : " أن تكون حياتي مصداقا لايمانى في سرى وعلانيتى، نقية مما يشينها إتجاة الله ورسوله والمؤمنين ". هذا كلام يجوز أن يقال في مسجد السيدة نفيسة أو السيدة زينب إثباتا لإخلاص المسلم لرب الإسلام ورسوله محمد بالتحديد والتدقيق وبالذات، فالقسم لم يقل " ورسله " من باب اعتراف يوجبه قانون الإيمان الاسلامى نفسه، ومن باب الاعتراف بديانات الآخرين ولو من طرف اللسان، لكنهم أرادوا قسما طائفيا عنصريا خالصا استتبا عا لغيرهم، سياديا أنفا متكبرا فظا متعاليا، فأي زمن يذكرنا به الدكتور سعد الدين، وأي نشاط يضرب لنا به الأمثال للاعتدال عن صديقه الدافئ الأليف وخله الوفي عصام العريان؟ ومن يومها مازال الطبيب المسيحي يؤدى قسم النقابة على هذا الحال، فطوبى لأطباء مصر الأقباط بعدد أسماء ذات الله الحسنى، ويا لوعة الكبد عليك يا وطن يوم يفوز بحكمك العريان وإخوانه.أما أن يقوم الدكتور العريان بعمل تمثيلي في مؤتمر الأردن، وأن يقدم فيه حججا مقنعه ضد تطبيق الشريعة أو أقامة الدولة الدينية، وان يبرع في ذلك براعة أبهرت الدكتور سعد والأجانب، فهو ما يعنى وجوب أن تستريب دوما في الإخوان لقدرتهم التمثيلية ضد ما يعتقدون حقا وعلى عكس ما يبطنون؟أم أن سعدا أرادنا أن نصدق تمثيل الدكتور؟إن هذا الإيمان الدافق من سعد الدين بصديقة الحميم العريان، يدفعنا دفعا ليس إلى معرفة شخصيه العريان ومدى لطافتة وظرفه ودفئة كما حدثنا عنة خلة سعد الدين، إنما لمعرفة ما يعتقد العريان نفسة وما يعلنة بلسانة هو لا بلسان سعد.هكذا يتكلم العريان :قدم سعد العريان نموذجا للاعتدال ولم يقدم لنا دليلا واحدا على هذا الاعتدال الذي زعمه، غير شهادتة هو وحدة وهى غير مقبولة كدليل، ومن ثم سأعرض هنا لاختيارات عشوائية لكلام العريان، بحثا عن اعتدال العريان والذى يشهد لة رجل مهم من رجالات المجتمع المدني في مصر.
بين يدي الآن مقال كتبة العريان بالوفد المصرية في 2/4/2005، إضافة إلى حوار له مع شبكة "شفاف" بتاريخ 14/8/2004.وضع العريان لموضوعه بالوفد عنوانا هو "مخاوف مشروعة وهواجس لا مبرر لها "، قاصدا إقرار المتخوفين من أقباط أو ليبراليين على تخوفهم من الإخوان المسلمين، لكنه أيضا قصد إلى تبديد تلك المخاوف المشروعة لأنها ليست أكثر من هواجس لا مبرر لها. يقول العريان :"إن الإخوان قد أعلنوا على لسان مرشدهم الأولوية قبل تعديل الدستور لإطلاق الحريات، بحيث يكون لدينا مجلس شعبي حقيقي يعبر عن الإرادة الشعبية يتم انتخابه في انتخابات حرة نزيهة " والمهم هو أن هذا المجلس المنتخب هو من سيقوم بتعديل الدستور أو استبداله بدستور جديد. بطول موضوعه لم يقترب الدكتور عصام من الجوانب الحقوقية للديمقراطية، فقد حدثنا عن ضرورة عدم تعديل الدستور كخطوة أولى، تتبعها خطوة ثانية هي إطلاق الحربات لانتخاب مجلس تشريعي تكون مهمته هي صياغة الدستور الجديد. لأنه يعلم كيف تم محو وعى المواطنين فلم يبق عندهم شئ يعلمونه عن الدنيا سوى الإسلام وشريعته، وهو الوعي الذي سينتخب دعاة الدولة الدينية والشرعية، الذين سيقومون بعد ذلك بإعادة صياغة الدستور، ويا خراب بيتك يا مصر من بعدها. لماذا لا يخطر للدكتور وهو يتحدث عن الصندوق والحريات أن يتحدث عن ما هي الحريات المقصودة إضافة لصندوق الاقتراع، فهلا طمأننا على مساواة المرأة للرجل في الميراث والشهادة وتولى المناصب بما فيها منصب الإمامة العظمى؟ وهلا طمأننا عن وضع الأقباط في ظل دوله الشريعة المنتظرة؟ وهل سيتم تحديث عهد ألذمه العمرى أم سيطبق عليهم مستحدثات إسلاميه لا نعرفها؟ الإخوان وعريانهم يقعون في مشكله بين ما يضمرون ليتقوا منا تقاه، وبين ما يعلنون تقيه أيضا باللسان لا تمس القلب، فهم يقدمون لنا أنفسهم بحسبانهم دعاه الإسلام أو هم الإسلام نفسه، ثم تجدهم يحدثوننا بمفاهيم غريبة عن الإسلام : كالمجلس التشريعى والحريات والاراده الشعبية، فهلا أخبرنا الدكتور العريان أين نجد في الإسلام أو تاريخه شيئا مما جاء على لسانه عن المجلس المنتخب انتخابات حره نزيهة، وأين نجد الإراده الشعبية وفى أى متن أو حاشية، وأين يمكنا العثورعلى مفهوم الحرية ( أللهم إلا مفهوم الحر بالنسبة للعبد وهو فقط ما تعرفه الثقافة الاسلاميه عن معنى الحرية ). وهل سبق وجرت أى انتخابات في تاريخ الخلافه الاسلاميه المستبدة منذ فجرها وحتى سقوطها عبر أربعه عشر قرنا من الظلم وانعدام الرحمة والاستبداد الدموي. على العريان أن يختار هنا ما بين الإسلام وما بين الحقوق العلمانية كى نستطيع أن نفهمه ونثمن ما يقول.
بعد أن يطالب الدكتور العريان في مقاله بالوفد بحريا ت تكفل مجلس تشريعي يعدل الدستور أو يجدده أو يستبدله، يعود في المقال نفسه ليطالب سلفا بتعديل مقدما لبعض مواد الدستور الحالى " المواد المتعلقة بالرئيس 77، 76، 74 وأن الإخوان مع هذا التعديل الحقيقي "؟ حيرونا إخواننا الإخوان، مرة هم مع بقاء الدستور حتى يتم تعديله على أيديهم لا سمح الله، ومرة هم مع تعديل بعض بنوده الحالية والخاصة برئيس الجمهورية ومده حكمه وسلطاته. وعلى شرح العريان نتساءل: متى عرف الإسلام وإخوانه مسألة تحديد مده ولاية الرئيس أو الإمام أو الخليفة؟ إن الإخوان يزعمون إنهم الإسلام ثم يطلبون شأنا ليس من الإسلام ولا يوجد له شبيه في تاريخ الإسلام، إن ما إن ما قال العريان هو بمنطق وفقة الإسلام السنى الاخوانى هو كبيرة من الكبائر ألمثيره للفتن، ومن ثم يجب ذبح العريان طبقا لنصوص الشريعة الإسلامية، أو جلده على ملأ تعزيرا. مره أخرى هذه المتناقضات لا يحلها إلا أن يختارالعريان والإخوان ما بين الإسلام ولغته ومفاهيمه ونظمه، وما بين الديموقراطية المدنية الحقوقية العلمانية، وإلا ظلت هواجسنا كوابيسا مستمرة. فإما أن ينخرطوا في العملية الديموقراطية دون تدليك غرائز التدين عند الشارع المسلوب الوعي، وأن يكون هذا الانخراط بمبادئ مدنيه مائه با لمائه لا علاقة لها بأي دين أو أي مقدسات، وإما أن يظلوا إخونا ولا يحدثوننا برطانة رفضوها طوال تاريخهم، إنهم يرطنون فقط، حتى يصلوا بها انتهازيا لصندوق الاقتراع وحده، إلى المجلس ثم الكرسي الأعظم، ثم استبدال الدستور (بالقرآن دستورنا). لإقامه الخلافة المقبورة مرة أخرى، لا أقامها الله ولا ردها. ويحتج الدكتور العريان بشده على قانون الطوارئ، وكذلك نحن، لكن بشرط أن يكون احتجاجا بمرجعيه مدنيه لا إسلامية، لأن القول بمرجعية دينية هو كذب صريح على الناس، وافتراء على تاريخ الإسلام الذي لم يعرف بطوله وعرضه أى قانون بالمرة سوى قانون الطوارئ الدائمة منذ حكم أبو بكر بن أبى قحافه وحتى اليوم. فلماذا يحتج الإخوان على قانون إسلامى أصيل؟ 100% أصالة وعراقة وخصوصية؟ أم أن ذلك يجوز لكم ولا يجوز لغيركم، أو بلغة سعد الدين إبراهيم: حلال لهم وحرام على غيرهم؟ لماذا لم يعلن الإخوان إدانتهم لهذه الطوارئ الطويلة البغيضة في تاريخ الدولة الاسلاميه حتى نصدق فعلا أن الإخوان ضد مثل هذه القوانين؟
أم ينادون بما لا يؤمنون؟ إن الإخوان داخل جماعتهم لا يعرفون حتى الآن نظام الانتخاب، ويظل رئيسهم / مرشدهم / رئيسا مدى الحياة حتى يصيبه الخرف قياسا على نظام الخلافة الاسلاميه. إن الإخوان بهذا الشكل هم مره دكتور جيكل ومره مستر هايد. ثم يؤكد العريان "أن مبادرة الإخوان للإصلاح هي برنامج الإخوان لبناء نهضة مصريه ترتكز على مرجعيه إسلاميه، وتسعى إلى تحقيق غايات الإسلام العليا في العدل والحرية والمساواة والشورى والكرامة الانسانيه".فهلا سال الدكتور سعد الدين صديقه في مسألة النهضة المصرية بينما كل الإخوان ضد مفهوم المواطنه والوطن وبخاصة مصر، وآخرها (طظ في مصر) شعار الإخوان الجديد الذي أطلقه كبيرهم الذي يعلمهم السحر؟ وكيف تكون مصريه وتقوم على مرجعيه إسلاميه، وأساتذتهم الكبار لا يعترفون بوطن ولا برايه قوميه؟ وهلا سأل سعد الدين صديقه الدافئ وحميمة المعتدل عن غايات المسيحية العليا، وغايات الشيعة العليا، وغايات العلمانيين العليا، وغايات الملحدين العليا. لإن لكل فريق قيما خاصة يراها هي العليا، لذلك لابد أن تصبح جميعا في الفعل الديموقراطي نسبية تماما وليست عليا، ولا يجرؤ على القول بغايات طائفية عليا في الفعل الديموقراطي أى شخص يفهم بسائط الديموقراطية الابتدائية. ثم ألا يرى سعد معنا أن القول بغايات طائفية دينيه عليا هي هدف الفعل الديموقراطي، هو انحياز لفئه من فئات المجتمع، ولدين من أديان المجتمع، يخلق بها ميزه وفضل لهذة الفئة على باقي مكونات المجتمع، وهو ما لا علاقة له بالديموقراطية، لأنه يؤدى إلى الانحياز الطائفي ومن ثم إلى التباغض والتفكك الاجتماعي، مع عدم الولاء للوطن إزاء الولاء للطائفة. نذهب مع العريان إلى حواره مع "شفاف" حيث يجيب عن السؤال: "ما هي الديموقراطية من وجهه نظر الأخوان المسلمين؟" بقوله: "إن الديموقراطية لايمكن فصلها عن ثقافة الشعب، وبالتالي فالأبعاد الفلسفية للديموقراطية تخضع لطبيعه المجتمع الذي تنشأ فيه.. فهناك تنوع مختلف من الديموقراطية، لكن هذه الديموقراطيات تتفق على أسس هامه وهى ما نتفق عليها نحن الإخوان، وهى أن الشعب من حقه أن يولى الحاكم وأن يحاسبه وأن يعزله لفترات محدده، وفصل السلطات الثلاث. وأن رأى الأمه محترم في انتخابات دوريه، وحقوق الأفراد مكفوله بحكم الدستور".
العريان يرى أن الديموقراطية يجب أن تخضع لثقافتنا التي لم يشر إلى ماهيتها. وبالطبع المقصود هنا هو الإسلام لأن الإخوان لا يرون في المجتمع بشرا آخرين لهم ثقافة ودين مختلف، ثم يتحدث عن كون الديموقراطية هي توليه الحاكم ومحاسبته وعزله لفترات محدودة (وحكاية عزله لفترات محدودة إجتهاد عرياني ليس له سوابق فقهيه. والمقصد في النهاية أن ديموقراطيتنا الإسلامية تولى الحاكم مدى الحياة، ولم يحدث أن تم عزل حاكم إلا بالسم أو السيف). أما فصل السلطات فقد أكد محمد حبيب وكيل الإخوان للشرق الأوسط في 27/11/2005 أن هذا الفصل بين السلطات واختصاصاتها لابد أن يستهدى بالشريعة الاسلاميه ولتأكيد ما قلنا نقرأ استطراد عريا ن الشارح " ولكن نضيف عليها _ أى على الديمقراطية _ الإسلام.. بمعنى أن الديموقراطية في المجتمعات الاسلاميه تخضع لثقافة هذه المجتمعات الإسلاميه.. لأن هناك سقفا لهذا المجتمع وثقافته وشريعته الاسلاميه التي يحتكم اليها.. ..لأنها شريعة محترمه"!!!!أوليست بقيه الشرائع الدينيه محترمه في نظر العريان؟ فلماذا الاسلاميه وحدها يكون لها السيادة؟ ثم أليست شريعة القانون المدني ألمقدسه في بلاد الحريات شريعة محترمه إختارها الناس وارتضوها؟ يجيبنا العريان :" لابد من وجود سقف لما هو الحلال والحرام في الدين وما هو الثواب والخطأ في القانون " الرجل يلف ويدور ليقول في النهاية إن الصواب في القانون هو الحلال إسلاميا وإن الخطأ في القانون هو الحرام إسلاميا. ثم يتطوع العريان بطمأنة الأقباط بوعود لفظيه من قبيل قوله الواثق من قيام دولتهم الاسلاميه : " فإن ضمان حقوق الأقباط في ظل الإسلام أكثر من عدم الالتزام بإلاسلام، لان الإسلام يجرم الاضطهاد لمن هو مخالف في الدين". وبغض النظر عن صدق الرجل مع نفسه ومع إيمانه وتقواه، وأن الإسلام لا يضطهد المخالف بل يطلب منه أحد ثلاث : الإسلام أو الجزية أو القتل، وبغض النظر عن حديثه المرسل عن العدل والحرية والمساواه والكرامة الإنسانيه التي لم تتحقق في تاريخ المسلمين ولا حتى زمن الراشدين، فإن الصحفى المحاور يسأله :" ولكن في حال تطبيق الشريعة الاسلاميه سيحدث خلاف بين الأقباط والمسلمين "، فيجيب العريان : " بالطبع ستحدث خلافات بينهم.. والحل هو سيادة التسامح وقبول الأخر "، ولا تعلم من سيتسامح مع من هنا؟ السيد المسلم أم الذمي القبطي، ومن المطلوب منه قبول الآخر في ظل تطبيق الشريعة الاسلاميه، بل أن العريان يحسد الأقباط على حظوظهم وتميزهم بقوله : " الكنائس الآن تقوم بنشاط كبير أما المساجد فلا تستطيع".
هذا الرجل كذوب وشرير لأنه يقول شيئا والواقع كله أمام الدنيا كلها ينطق بالعكس تماما، أما السر في هذه الحرية التي تنالها الكنائس وتستحق عليها الحسد فهو " أن امن الدوله لا يستطيع التدخل في شئون الكنائس " !!!.... روح يا شيخ منك لله !! أشوف فيكم يوم!!. المهم أن استمرار الحوار يفصح عن ما هو مخفي ومستور، فيسأله الصحفي :" إذن أنت توافق على تأسيس حزب قبطي من الممكن أن يتولى السلطة ويحكم المسلمين "، فيجيب الناشط المعتدل صديق رجل الاجتماع المعتدل :" إن هذا افتراض خيالي في بلد مثل مصر، لأنه في ظل الدستور والقانون سيكون ذلك ضربا من الخيال، فإذا تولى حزب اسلامى السلطة في ظل دستور يحكم بمقتضى الشريعة، فكيف يأتي بعده حزب قبطي؟ " أما المرأة فلم يتعرض لها العريان ولا كل الإخوان حتى الآن خاصة ما تعلق بحقوقها، وإن تكرموا عليها وسمحوا لها با لمشاركها في الانتخاب والترشيح وتولى الوظائف عدا منصب الامامه العظمى.وإذا كان سعد الدين يستبشر خيرا بالإسلاميين الديموقراطيين ويرى إنه ممكن أن يكونوا كالنموذج التركي الذي وصل فيه الإسلاميون إلى السلطة ولم ينقلبوا على الديموقراطية، فإن صديقه وحميمة العريان يرد على حبيبة سعد الدين قائلا في الحوار نفسه : "تركيا اعترفت أنها دوله غير اسلاميه وآخر تصريح لرئيس الوزراء قال فيه أن تركيا دوله علمانية ودوله اوربيه أكثر منها اسلاميه". إن العريان يا دكتور سعد يرفض نموذجك الذي اقترحته للإخوان ويراه نموذجا علمانيا أوروبيا غير إسلامى، فهلا عرضت عليهم نموذج طالبان مثلا؟ بالفرض الحسن مع الظن الحسن بأن سعد الدين إبراهيم لم يكن طوال الربع قرن الماضى يحمل في داخله شيخا سلفيا، وأن ذلك قد جد عليه بعد حبسه الظالم مع الإخوان، فإن جريمه النظام في مصر أنه حول سعدا إلى مسلم سلفي، إنه إبداع حكومتنا الرشيدة الفريد التي بلا نظير، إبداع حول شعبا بكاملة من شعب مقبل على الحياة منتج مبهج مرح فنان مخلص لوطنه، إلى شعب متجهم مكتئب ضد كل ما هو جميل في الحياة، شعب طائفي عنصري قاسى. إن ما فعله النظام المصري بسعد الدين هو تماما ما فعله رئيس العصابة بضابط مكافحه المخدرات الشريف، الذي قاوم الإغراءات والرشاوى واستمر في مطارده العصابة، فما كان من (البيج بوس) سوى أن اختطفه وحبسه، وظل يحقنه بالمخدر يوميا حتى تحول الضابط الشريف إلى مدمن لا خطر منه بعد. لقد حقنوا سعدا بأفيون الشعوب.
خسارة يا سعد الدين.. خسارة يا مصر.

elqemany@yahoo.com
نقلا عن الحوار المتمدن

No comments:

Post a Comment